عندما يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة: لماذا العقاب يُفاقم المشكلة – وما الذي يُجدي فعلاً
بالأمس، صادفت نقاشًا على منصة X (تويتر سابقًا) حول ما يجب فعله عندما يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة.
أحد التعليقات قال: «يجب معاقبته حتى يعرف من هو المسؤول.»
وكانت الردود التي تلت أكثر إيلامًا، إذ شجّع كثيرون على استخدام أقسى أنواع العقاب لإجبار الطفل على الطاعة.
حينها تذكّرت كم يسهل على الكبار، في لحظات الإحباط، أن ينسوا حقيقة بسيطة وعميقة:
الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة لا يتمرّد، بل يعبّر عن ضيقٍ أو خوفٍ لا يستطيع قوله بالكلمات.
1. الرفض ليس تمرّدًا
عندما يرفض طفل في الخامسة أو السادسة الذهاب إلى المدرسة، فالأمر ليس عنادًا، بل خوفٌ متخفٍ في صورة مقاومة.
الأطفال في هذه السنّ لا يمتلكون دائمًا القدرة على التعبير عن القلق أو الانزعاج أو الخوف الاجتماعي، فيظهر ذلك في شكل بكاء أو صمت أو رفض.
لكن العقاب في هذه اللحظة لا يُعلّم الشجاعة، بل يُعلّم الخوف من الكبار بدلاً من حبّ التعلّم.
2. ما الذي يُعلّمه العقاب فعلاً؟
تُظهر الأبحاث النفسية والتربوية أن أساليب العقاب – مثل الصراخ، التهديد، الحرمان، أو الضرب – قد تُنتج طاعةً مؤقتة، لكنها تُخلّف آثارًا طويلة الأمد:
-
تُثير مشاعر الخزي بدلاً من الفهم.
-
تُضعف الثقة بين الطفل ووالديه أو معلميه.
-
تُرسل رسالة خطيرة: «مشاعري لا تهم.»
الطفل الذي يشعر بعدم الأمان العاطفي لا يستطيع أن يتعلّم أو يركّز، لأن دماغه ينشغل بالنجاة، لا بالمعرفة.
3. ما الذي ينبغي فعله بدلاً من ذلك؟
عندما يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، السؤال الأهم ليس «كيف أجبره على الذهاب؟» بل «ما الذي يحاول سلوكه أن يخبرني به؟»
فيما يلي خطوات عملية ولطيفة مدعومة بالأبحاث:
1. التوقف والملاحظة
انظر إلى ما وراء السلوك: هل المدرسة جديدة؟ هل تغيّر المعلّم؟ هل هناك ضوضاء مزعجة أو موقف مؤلم مع طفل آخر؟
2. التقبّل والتفهّم
قل له: «أرى أنك خائف من الذهاب. هذا طبيعي. كثير من الأطفال يشعرون بذلك في البداية.»
الاعتراف بالمشاعر يهدئ الجهاز العصبي ويفتح باب الحوار.
3. التعاون لا الأوامر
تعاون مع المعلم أوالمعلّمة. يمكن البدء بخطوات صغيرة: زيارة الصفّ مع أحد الوالدين، تحية المعلّم عند الباب، أو حمل غرض مريح من البيت.
4. تعزيز الشجاعة الصغيرة
امتدح الشجاعة لا الكمال: «كنتَ شجاعًا لأنك حاولت الذهاب رغم خوفك.»
هكذا يتعلّم الطفل المرونة من دون خوف.
4. الصورة الأوسع
نحن الكبار ننسى أحيانًا أن العالم العاطفي للطفل حقيقي مثل عالمنا تمامًا.
فعندما نعاقب الخوف، لا نزيله، بل نُخفيه في الداخل حيث يتحوّل إلى خجل أو تحدٍّ.
لكن عندما نصغي إليه، نربي طفلًا واثقًا، قادرًا على التعبير عن مشاعره، وسيتوجّه إلى المدرسة يومًا بثقة لا بإكراه.
5. فكرة ختامية
الطفل الذي يرفض المدرسة ليس مشكلةً يجب حلّها، بل إنسان يحتاج إلى الفهم.
وكل مرة يختار فيها أحد الكبار التعاطف بدل العقاب، يصبح عالم الطفل – وعالمنا نحن – أكثر دفئًا ورحمة.
No comments:
Post a Comment